Time
المواضيع الأخيرة
دخول
الغاشية
عداد الزوار
.: عدد زوار المنتدى :.
الترجمة
أختر لغة المنتدى من هناأفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
ابوجراااااح | ||||
THE.HUNTER | ||||
MARAWAN KHALED | ||||
omar | ||||
أحمد عيد | ||||
ahmed hisham | ||||
ممكن جدا |
الدرس الثالث
شلة كوول :: أخبار :: أخبار إسلامية
صفحة 1 من اصل 1
الدرس الثالث
بسم الله الرحمن الرحيم
إن من أسماء الله الحسنى : الملك ، وإن لله تسعةً وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة قال تعالى :
(سورة الحشر)
وقال تعالى :
(سورة الفاتحة)
وعند السادة الشافعية يجب أن تقرأ في الركعة الأولى : مالك يوم الدين ، وفي الركعة الثانية: ملك يوم الدين ، وقد ورد هذا الاسم في آية أخرى قال تعالى :
(سورة القمر)
وفي آية رابعة قال تعالى :
(سورة آل عمران)
وفي آية خامسة قال تعالى :
(سورة يس)
تعريف الملك :
القدرة على التصرف إذاً هو من أسماء الذات ، وهو من أسماء الأفعال، فيمكن أن يكون من أسماء الذات ومعناه : القدرة على التصرف ، ويمكن أن يكون من أسماء الأفعال ومعناه المتصرف .
حديث قدسي : "أنا ملك الملوك ، ومالك الملوك ، قلوب الملوك بيدي ، فإن العباد أطاعوني حولت قلوب ملوكهم عليهم بالرأفة والرحمة ، وإنِ العبادُ عصوني حولت قلوب ملوكهم عليهم بالسخط والنقمة ، فلا تشغلوا أنفسكم بسب الملوك ، وادعوا لهم بالصلاح ، فإنّ صلاحهم بصلاحكم" .
الله : ملك بل مالك الملوك ومعنى هذا أن أي شيء يُملَّك مالكه الله سبحانه وتعالى ، وقال بعض العلماء : الملك هو الذي يحكم ولا يملك، والمالك هو الذي يملك ولا يحكم ، والله سبحانه وتعالى مالك وملك .
أحياناً يملك الإنسان الشيء ولا ينتفع به وليس من حقه أن يتصرف فيه، وأحياناً ينتفع فيه ويتصرف فيه ولا يملكه ، وأحياناً يملك الشيء وينتفع به ويتصرف فيه وليس المصير له ، مثال بيت يملكه ملكاً حراً شرعياً يسكنه ، فإن صدر قرار استملاك يصبح مصيره ليس له ، إذاً إذا قلنا إن الله سبحانه وتعالى هو مالك الملك : يملك الشيء ويتصرف به ومصيره إليه ، فتكون أعلى درجات الملكية هي ملكية الله سبحانه وتعالى .
سئل أعرابي يملك قطيعاً من الغنم ، لمن هذه ؟ قال : لله في يدي ، فالمؤمن الصادق : بيته ومتجره ، سيارته ، خبرته ، مكانته ، شهاداته ، يراها بملك الله عز وجل . مثال : أعلى طبيب في اختصاصه، إذا تجمدت خثرة في دماغه ، يفقد ذاكرته فمصيره إلى مستشفى المجانين، إذاً مَن مالك الملك ؟ الله سبحانه وتعالى .
هذه العين التي ترى بها ، من مالكها ؟ الله سبحانه وتعالى ، هذه الأذن، هذا اللسان ، هذه الحركة ، هذه القوة ، أيْ مِن لوازم الأيمان : أن ترى أن كل شيء بحوزتك هو ملك لله عز وجل سمح لك أن تتصرف به . لمن هذا القطيع يا فلان ؟ لله في يدي ، وبيتك لله في يدك ، ومتجرك لله في يدك ، وسمعتك ومؤلفاتك وعقلك وذكاؤك لله في يدك .
الآن إذا قلنا : فلان ملك ، نقصد بها حقيقةً أم مجازاً ، العلماء قالوا : لا يمكن أن يملك حقيقةً إلا الله ، وأيُّ وصف للملكية لغير الله فهو وصف مجازي وعلى سبيل المجاز فقط ، لأن الملك هو الذي يستغني في ذاته وصفاته عن كل موجود ، فهل من ملك يستغني في ذاته عن كل موجود ؟ ألا يشرب ، ألا يستنشق الهواء ، ألا يأكل ، ألا يشعر بحاجة إلى النوم ، ألا يخاف ، ألا يحزن ، ألا يتمنى أن يكون له أعوان كثر ، إذاً أي إنسان مفتقر في وجوده وفي صفاته إلى إنسان آخر ، لا يمكن أن يكون ملكاً حقيقياً ، الملك الحقيقي هو الله عز وجل ، وإذا سمينا فلاناً ملكاً فهو من باب المجاز .
الملك الحقيقي الذي يستغني في ذاته وصفاته عن كل موجود ويحتاجه كل موجود ، بل لا يستغني عنه شيء في شيء لا في ذاته ولا في صفاته ، فهو ملك في ذاته ، في وجوده ، في صفاته ، مستغنياً عن كل شيء ، بحاجة إليه كل شيء ، هذا هو الوصف الدقيق للملك ولا ينطبق إلا على الله عز وجل ، إذاً الملك الحقيقي هو الله ، وكل من يصف نفسه أنه ملك أو مالك هذه الدار أو مالك هذه الدكان أو مالك هذه التجارة أو صاحب هذه الشركة هذا من باب المجاز ، أعرف حجمك الحقيقي رحم الله عبداً عرف حده فوقف عنده .
الله سبحانه وتعالى : مالك مُمَلِّك ، الشخص الذي لا يستطيع أن يملكك فليس ملكاً ، فمن لوازم هذا الاسم أن الله مالك مملك ، والدليل قال تعالى:
(سورة آل عمران)
والملك الحقيقي الذي يملك هواه ولا يملكه هواه ، والذي أُعتِق من أَسْرِ نفسه وليس ملكاً لنفسه ، قال تعالى :
(سورة يوسف)
هذه الآية دقيقة جداً : سيدنا يوسف يصف بأنَّ الله قد آتاه الملك : أيُّ مُلْكٍ آتاه ! لعلكم ظننتم أنه كان أميناً على خزائن الأرض ، أغلب علماء التفسير قالوا : لا ، بل آتاه الملك الحقيقي فهذا الملك الذي يؤتيه الله لمن يشاء ملك زائل ، وليس فضيلة يفتخر بها ، فما هو الملك الحقيقي ؟ هو أنه ملك نفسه ، لمجرد أن قال: معاذ الله حينما دعته امرأة ذات منصب وجمال، حينما قالت هيت لك قال معاذ الله ، قال علماء التفسير : هذا هو الملك الحقيقي ، الملك الذي لا يزول ، الملك الذي تسعد به إلى الأبد، أن تملك نفسك ولا تملكك ، أن ينقاد لك هواك ولا تنقاد له ، إذا انقاد لك هواك وسيطرت عليه فأنت ملك ، إذا سيطرت على نفسك فأنت ملك ، إذا ملكت زمام نفسك فأنت ملك ، إذا سيطرت على شهواتك فأنت ملك ، إذا قدت نفسك إلى طريق الخير والسعادة فأنت ملك أما إذا قادتك نفسك إلى الضلال والشهوات والمعاصي والأثام أنت مملوك ، إذا قادك عقلك أنت ملك، إذا قادك هواك فأنت مملوك ، وشتان بين أن تكون ملكاً وبين أن تكون مملوكاً .
أحد أكبر زعماء أوروبا في الحقبة السابقة والذي حقق انتصاراً ساحقاً في الحرب العالمية الثانية له كلمة لا أنساها ، قال : ملكنا العالم ولم نملك أنفسنا ، نحن ضعاف أمام أنفسنا . شخصية كبيرة تغريه امرأة تعمل معه ، تنهار نفسه أمام فتنتها . إذاً أنت مملوك ، كل أهل الدنيا عندهم نقطتا ضعف مدمرتان : المال والنساء ، أي يملك أشياء كثيرة وله اطلاع واسع ، له قدرات عجيبة ، ومع ذلك المرأة والدرهم والدينار تمتلكه ، إذاً هو مملوك. لذلك فالنبي عليه الصلاة والسلام قال :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ ...*
(سنن ابن ماجة )
ـ مملوك هو في خدمة المال ولم يجعل المال في خدمته ، المال أصلاً مُسخر لك لكنك سُخِّرت له فأنت عبد له ،- تعس عبد الفرج تعس عبد البطن تعس عبد الخميصة . إذاً أنت مملوك ، إذا قرأتم هذه الآية ترنموا بها : ربِّ قد آتيتني من الملك ، الملك الحقيقي أن تملك نفسك لا أن تملكك ، أن ينقاد لك هواك لا أن تنقاد له ، أن تسيطر على شهواتك ، أن تكون مع الحق حيث كان الحق ، أن تكون وقَّافاً عند كتاب الله ، أن تعترف بالحق الذي لغيرك عليك وإن كان مراً ، هذه هي البطولة الحقيقية ، هذا ما اتجه إليه معظم المفسرين في قوله تعالى :
بعضهم قال : المَلِكُ: الذي ملك قلوب العابدين فأقلقها ، الحقيقة أن الإنسان منذ أن عرف الله عز وجل ، أو منذ أن بدأ في معرفة الله ، دخل في دوَّامة الحب ، أصبح مشغولاً ، أصبح عظيماً بعد أن كان تافهاً ، يعني أن المؤمن قلق لا ينزاح عنه قلقه حتى يلقى الله عز وجل ، هل اللهُ راض عني ؟ هل عملي وفق ما يرضي الله ؟ هل الله يحبني ؟ هل في عملي إخلاص ؟ هل في عملي زيغ ؟ هل هناك ما أرجوه غير الله عز وجل ؟
ومَلَكَ قلوبَ العارفين فأحرقها ، المَلِكُ مَنْ إذا شاءَ مَلَّك ومن إذا شاء أهلك :
(سورة البروج)
إذا أعطى أدهش ، وإذا حاسب فتّش ، أعطانا قبل سنوات أمطاراً غزيرة دهشنا بها سبعين ضعفاً عن إنتاج السنوات السابقة من القمح وإذا انحبست أمطار السماء ، فَمَنْ في الأرض كلها يستطيع أن يصدر قراراً بإنزال المطر ! ولو اجتمعت الأمم كلها ، المجالس كلها ، والقيادات كلها، وإذا انحبست الأمطار مات الزرع وتبعه الضرع وتبعه الإنسان .
فنحن عبيد لأننا مفتقرون لماء السماء :
(سورة الملك)
اللهُ سبحانه وتعالى . المَلِكُ من إذا شاء ملّك وإن شاء أهلك ، الملك الحق من لا ينازعه معارض ، لا خصومات لا معارضون لا مُشَوشون منتقدون ، ولا يمانعه ناقد فهو في تقديره منفرد ، وبتدبيرهُ متوحِّد ، ليس لأمره مرد ولا لحكمه رد، والمَلِكُ من دار بحكمه الفلك .
ذكر الله تعالى في آية واحدة خمسة بنود للملكية ، قال تعالى :
(سورة آل عمران)
العلماء فسروا المُلْك أنه ملك الآخرة كما فسَّروه ملك الدنيا ، فإذا كنت مؤمناً، مستقيماً ، صادقاً مخلصاً ، لك عمل طيب فأنت ملك ، ولكن مِن ملوك الدار الآخرة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ؟ والإمام علي يقول: "الغنى والفقر بعد العرض على الله" ، وقال "تؤتي الملك من تشاء " ولكن من تشاء ؟ إذا قال الله عز وجل : "والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم "! ما معنى يهدي من يشاء ؟ يعني من شاء الهداية هداه الله، " ويضل من يشاء ": من شاء الضلالة أضله الله ، فالهداية والضلالة أصلهما هداية جزائية أو ضلال جزائي مبني على هداية أو ضلال اختياري، قال تعالى :
(سورة الصف)
تؤتي الملك من تشاء : تؤتي الهداية من شاءها ، وتنزع الملك ممن تشاء: رفض الدين ، رفض رحمة رب العالمين ، رفض وعده العظيم ، أراد الدنيا، أراد شهواتها ، ينصرف الإنسان إلى الملاهي ، إلى شهواته، إلى دور اللهو ، إلى معاصيه ، إلى انحرافاته .
بالمناسبة مُلْك الدنيا : يؤتيه الله لمن يحب ولمن لا يحب ، وأما مُلك الآخرة فلا يأتيه إلا لمن يحب.
المعنى الثاني : ملك الدنيا ، الله سبحانه وتعالى يقول :
(سورة الأنعام : من الآية 165)
مَن مَلَّكَكَ هذا البيت ؟ الله سبحانه وتعالى ، لمن كان هذا البيت ؟ لفلان ، كيف باعه ؟ ضاقت به الأمور فباعه ، من الذي جعلك خليفة له في هذا البيت ؟ الله سبحانه وتعالى ، هذا العمل من ولاّك إِياه ؟ الله سبحانه وتعالى، لماذا عُزِل فلان ؟ بحكمة الله وتقديره ، إذاً المعنى الآخر : تؤتي الملك مَنْ تشاء ، المعنى الدنيوي ، الله سبحانه وتعالى يقول : " وهو الذي جعلكم خلائف الأرض " ما الحكمة ؟ لماذا أعطى فلاناً ومنع فلاناً ؟ ومَلَّكَ فلاناً ونزع من فلان ؟ لماذا رفع فلاناً وخفض فلاناً ؟ الجواب : " ليبلوكم أَيُّكم أحسنُ عملاً " يمتحنك بالغنى وبالفقر ، بالصحة وبالمرض ، بالقوة وبالضعف ، قال فإذا كان هذا العبد متمرداً فما الجواب ، قال : " إن ربك سريع العقاب " قال فإذا كان طائعاً فما الجواب ؟
(سورة طه : الآية 82).
إذاً : جعلكم خلائف الأرض ، ووزع الحظوظ توزيع ابتلاء وسوف تُوَزَّعُ في الآخرة توزيع جزاء إذاً هو مالك الملك : إِما أن يُمَلِّكك ملك الآخرة أو ملك الدنيا أو ملك الآخرة والدنيا :
ما أجمل الدين والدنيا إذا اجتمعا وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل
" وتعز من تشاء وتذل من تشاء " دخلنا في باب العز والذل ، هنالك شيء دقيق جداً : إذا أعزك الله سخر لك أعداءك ، وإذا أراد الله أن يذل عبداً ما ، أذله أقرب الناس إليه ، " ومَنْ يُهِنِ اللهُ فما له مِنْ مُكرم " :
اجعل لربك كل عزك يستقرَّ ويثبُت
فإذا اعتززت بمن يموت فإن عزك ميّت
إذاً من لوازم أن الله مَلِك أنه هو الذي يعز وهو الذي يذل ، فكن مع العزيز ،
أطع أمرنا نرفع لأجلك حجبنا فإنا منحنا بالرضا من أحبنا
ولذ بحمانا واحتمي بجنابنـا لنحميك مما فيه أشرار خلقنا
بيدك الخير ، إذاً فالذلُّ خير ، ونزع المُلكِ خير ، ولكن يسمى شراً من وجهة نظر الإنسان.
تولج الليل في النهار ، تصريف الكون ، تسيير الكون ، الأرض تدور حول الشمس بمدار اهليلجي بيضوي ، مَن يجعلها على مسارها تماماً؟ هل في الكون كله قوة تستطيع أن تجعلها على مسارها لو خرجت ؟ إنها إن خرجت انتهت وجذبتها كواكب أخرى !!
(سورة فاطر )
يمسكها على مسارها ، إذا خرج القطار عن سِكَّته ، طفل رضيع أو نملة صغيرة أو ذبابة حقيرة هل بإمكانها أن تعيده إلى السكة ؟ ولئن زالتا إن أمسكهما من أَحد مِن بعده ، مَن جعل الأرض تسير في الثانية 30 كم ؟ مَن جعلها تدور في الساعة 1600 كم ؟ مَن جعلها بهذا الحجم ومن جعل بعدها عن الشمس بهذه المسافة ؟ هذا من اسم الله : الملك .
(سورة آل عمران: الآية 27)
ظاهرة النبات ، ظاهرة توالد الإنسان ، تكاثر الحيوان ، تكاثر النبات، تخرج الحي من الميت : بذرة الزيتون تبدو لك قطعة من الخشب كامن فيها شجرة بقوة هذه البذور ، هذه أنماط الحياة ، دورة الحياة ، الشجرة يابسة في الشتاء كأنها خشب يأتيها الربيع فإذا هي خضراء .
مرة طلب سيدنا عمر من سيدنا عمرو بن العاص أن يصف له مصر وكان بليغاً ، قال: يا أمير المؤمنين مصر طولها شهر ، وعرضها عشر ، يعني طولها مسيرة شهر وعرضها مسيرة عشرة أيام ، يخط وسطها نهر ميمون الغَدَوات مبارك الرَّوْحات ، يا أمير المؤمنين بينما هي عنبرة سوداء - ترابها أسود اللون لخصوبته - إذا هي درَّة بيضاء - طواف النيل - إذا هي زبرجدة خضراء ، فتبارك الله الفعال لما يشاء، وصف مصر في الشتاء وفي فيضان النيل وفي الربيع والصيف، وصف طولها ووصف عرضها .
إذاً مِن معاني الملك أنه يقلب النهار، ويخرج الحيَّ من الميت ويخرج الميت من الحي ، ومن معاني أنه يخرج الميت من الحي والحي من الميت : أن الكافر قد يلد مؤمناً وأن المؤمن قد يلد كافراً :
(سورة هود : الآيتان : 45- 46 )
آخر بند في المُلْكية : " وترزق من تشاء بغير حساب " ، قد يرزق الإنسان الضعيف ، وقد يفقر القوي الذكي ، لذلك التجار يقولون ليس عند الله تاجر ذكي ، ومن دعاء المؤمنين على الكافرين " اللهم اجعل تدميرهم في تدبيرهم " فالكافرُ يدبر فإذا هو يدمر نفسه . ولا ينفع ذا الجد منك الجد .
هناك سؤال : هل يملك العبد بالتمليك ، لو أنّ إنساناً ملَّكَك شيئاً هل تملكه، كيف نناقش هذه الفكرة ؟ مالك هذه الدار ، هذه المركبة ، تملَّكَ بالمكنيك كاملَ أربعٍ وعشرين قيراطاً ، هذا كلام نقوله نحن ، وليس هناك غلط كبير في هذا الكلام ، العلماء قالوا بالحرف الواحد : الأصح أن الإنسان لا يملك ! لماذا ؟ لأن استقلاله بالتصرف في الغير فرع من كونه مستقلاً في نفسه ، فإذا كان العبد لا استقلال له في نفسه وذاته البتة ، فكيف يكون مستقلاً في تصرفه بالغير . ولهذا قال ربنا عز وجل مُعلماً رسولاً ومن بعده عباده :
(سورة الأعراف)
إذا كان النبي لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً ، أفيملك النفع والضر للآخرين ؟ الجواب لا . مِن باب أولى ، إذا كنتُ عاجزاً عن هداية ابني ! فهل بإمكاني أن أهدي ابنك ؟ مستحيل! فلذلك فالكلام القطعي والثابت أن الله سبحانه وتعالى هو المَلِك الحقيقي وأن الإنسان إذا ملك فملكيَّةُ مجازية فمثلاً قد يقول لك مستخدم في وزارة الخارجية : والله عينا فلاناً سفيراً ! هذا كلام مجازي ، إنَّ الذي عين فعلاً ، ليس المستخدم بل الوزير. أَّما في الحقيقة المطلقة: الذي مُلَّكَ هذا الإنسان هذا المنصب ، هو الله سبحانه وتعالى .
العبد مثلاً متى يكون مسافراً ؟ إذا سافر سيده ، متى يكون مقيماً ؟ إذا أقام سيده ، هل للعبد استقلال في حركته عن سيده ؟ لا ، إذاً كلام قطعي: يجب أن تشعر وأنت تملك أوراق الملكية للبيت أن هذا البيت ملك الله عز وجل . في أية لحظة يمكن أن تبيعه ، قد يتعطل جهاز بالجسم ، فيقال لك : هذه العملية تكلفتها 800 ألف ليرة ومصاريف سفر وإقامة ، وبالعملة الصعبة ، والنتيجة بيتك ثمن للعملية ، فتعرضه للبيع ، فسبحان مالك الملك ومثل آخر : كُلْيِة تكلفة زراعتها 1000000 ليرة ، وكل شيء تملكه ثمن لهذه العملية، صمام القلب كلفته 500 ألف ليرة ، فالإنسان إذا عافاه الله فهو غني وغني بالمعنى الحقيقي .
هناك موضوع دقيق بعض الشيء ، وقبل الوصول إليه ، يقول تعالى :
(سورة النحل)
إذا كان العبد مملوكاً لا يقدر على شيء ، فهل يكون مالكاً ؟ أَيْ متصرفاً في ملك الآخرين ، هذا مستحيل ! لكن ما بال الآية الكريمة تقول :
(سورة الروم )
فتبصَّر يا أخي المؤمن ، الأمر دائماً بيد الله فكيف نفسر قوله تعالى
(سورة الانفطار)
الآن ، الأمر لله وفي آية أخرى : لله الأمر من قبل ومن بعد وفي آية أخرى :
إن من أسماء الله الحسنى : الملك ، وإن لله تسعةً وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة قال تعالى :
(سورة الحشر)
وقال تعالى :
(سورة الفاتحة)
وعند السادة الشافعية يجب أن تقرأ في الركعة الأولى : مالك يوم الدين ، وفي الركعة الثانية: ملك يوم الدين ، وقد ورد هذا الاسم في آية أخرى قال تعالى :
(سورة القمر)
وفي آية رابعة قال تعالى :
(سورة آل عمران)
وفي آية خامسة قال تعالى :
(سورة يس)
تعريف الملك :
القدرة على التصرف إذاً هو من أسماء الذات ، وهو من أسماء الأفعال، فيمكن أن يكون من أسماء الذات ومعناه : القدرة على التصرف ، ويمكن أن يكون من أسماء الأفعال ومعناه المتصرف .
حديث قدسي : "أنا ملك الملوك ، ومالك الملوك ، قلوب الملوك بيدي ، فإن العباد أطاعوني حولت قلوب ملوكهم عليهم بالرأفة والرحمة ، وإنِ العبادُ عصوني حولت قلوب ملوكهم عليهم بالسخط والنقمة ، فلا تشغلوا أنفسكم بسب الملوك ، وادعوا لهم بالصلاح ، فإنّ صلاحهم بصلاحكم" .
الله : ملك بل مالك الملوك ومعنى هذا أن أي شيء يُملَّك مالكه الله سبحانه وتعالى ، وقال بعض العلماء : الملك هو الذي يحكم ولا يملك، والمالك هو الذي يملك ولا يحكم ، والله سبحانه وتعالى مالك وملك .
أحياناً يملك الإنسان الشيء ولا ينتفع به وليس من حقه أن يتصرف فيه، وأحياناً ينتفع فيه ويتصرف فيه ولا يملكه ، وأحياناً يملك الشيء وينتفع به ويتصرف فيه وليس المصير له ، مثال بيت يملكه ملكاً حراً شرعياً يسكنه ، فإن صدر قرار استملاك يصبح مصيره ليس له ، إذاً إذا قلنا إن الله سبحانه وتعالى هو مالك الملك : يملك الشيء ويتصرف به ومصيره إليه ، فتكون أعلى درجات الملكية هي ملكية الله سبحانه وتعالى .
سئل أعرابي يملك قطيعاً من الغنم ، لمن هذه ؟ قال : لله في يدي ، فالمؤمن الصادق : بيته ومتجره ، سيارته ، خبرته ، مكانته ، شهاداته ، يراها بملك الله عز وجل . مثال : أعلى طبيب في اختصاصه، إذا تجمدت خثرة في دماغه ، يفقد ذاكرته فمصيره إلى مستشفى المجانين، إذاً مَن مالك الملك ؟ الله سبحانه وتعالى .
هذه العين التي ترى بها ، من مالكها ؟ الله سبحانه وتعالى ، هذه الأذن، هذا اللسان ، هذه الحركة ، هذه القوة ، أيْ مِن لوازم الأيمان : أن ترى أن كل شيء بحوزتك هو ملك لله عز وجل سمح لك أن تتصرف به . لمن هذا القطيع يا فلان ؟ لله في يدي ، وبيتك لله في يدك ، ومتجرك لله في يدك ، وسمعتك ومؤلفاتك وعقلك وذكاؤك لله في يدك .
الآن إذا قلنا : فلان ملك ، نقصد بها حقيقةً أم مجازاً ، العلماء قالوا : لا يمكن أن يملك حقيقةً إلا الله ، وأيُّ وصف للملكية لغير الله فهو وصف مجازي وعلى سبيل المجاز فقط ، لأن الملك هو الذي يستغني في ذاته وصفاته عن كل موجود ، فهل من ملك يستغني في ذاته عن كل موجود ؟ ألا يشرب ، ألا يستنشق الهواء ، ألا يأكل ، ألا يشعر بحاجة إلى النوم ، ألا يخاف ، ألا يحزن ، ألا يتمنى أن يكون له أعوان كثر ، إذاً أي إنسان مفتقر في وجوده وفي صفاته إلى إنسان آخر ، لا يمكن أن يكون ملكاً حقيقياً ، الملك الحقيقي هو الله عز وجل ، وإذا سمينا فلاناً ملكاً فهو من باب المجاز .
الملك الحقيقي الذي يستغني في ذاته وصفاته عن كل موجود ويحتاجه كل موجود ، بل لا يستغني عنه شيء في شيء لا في ذاته ولا في صفاته ، فهو ملك في ذاته ، في وجوده ، في صفاته ، مستغنياً عن كل شيء ، بحاجة إليه كل شيء ، هذا هو الوصف الدقيق للملك ولا ينطبق إلا على الله عز وجل ، إذاً الملك الحقيقي هو الله ، وكل من يصف نفسه أنه ملك أو مالك هذه الدار أو مالك هذه الدكان أو مالك هذه التجارة أو صاحب هذه الشركة هذا من باب المجاز ، أعرف حجمك الحقيقي رحم الله عبداً عرف حده فوقف عنده .
الله سبحانه وتعالى : مالك مُمَلِّك ، الشخص الذي لا يستطيع أن يملكك فليس ملكاً ، فمن لوازم هذا الاسم أن الله مالك مملك ، والدليل قال تعالى:
(سورة آل عمران)
والملك الحقيقي الذي يملك هواه ولا يملكه هواه ، والذي أُعتِق من أَسْرِ نفسه وليس ملكاً لنفسه ، قال تعالى :
(سورة يوسف)
هذه الآية دقيقة جداً : سيدنا يوسف يصف بأنَّ الله قد آتاه الملك : أيُّ مُلْكٍ آتاه ! لعلكم ظننتم أنه كان أميناً على خزائن الأرض ، أغلب علماء التفسير قالوا : لا ، بل آتاه الملك الحقيقي فهذا الملك الذي يؤتيه الله لمن يشاء ملك زائل ، وليس فضيلة يفتخر بها ، فما هو الملك الحقيقي ؟ هو أنه ملك نفسه ، لمجرد أن قال: معاذ الله حينما دعته امرأة ذات منصب وجمال، حينما قالت هيت لك قال معاذ الله ، قال علماء التفسير : هذا هو الملك الحقيقي ، الملك الذي لا يزول ، الملك الذي تسعد به إلى الأبد، أن تملك نفسك ولا تملكك ، أن ينقاد لك هواك ولا تنقاد له ، إذا انقاد لك هواك وسيطرت عليه فأنت ملك ، إذا سيطرت على نفسك فأنت ملك ، إذا ملكت زمام نفسك فأنت ملك ، إذا سيطرت على شهواتك فأنت ملك ، إذا قدت نفسك إلى طريق الخير والسعادة فأنت ملك أما إذا قادتك نفسك إلى الضلال والشهوات والمعاصي والأثام أنت مملوك ، إذا قادك عقلك أنت ملك، إذا قادك هواك فأنت مملوك ، وشتان بين أن تكون ملكاً وبين أن تكون مملوكاً .
أحد أكبر زعماء أوروبا في الحقبة السابقة والذي حقق انتصاراً ساحقاً في الحرب العالمية الثانية له كلمة لا أنساها ، قال : ملكنا العالم ولم نملك أنفسنا ، نحن ضعاف أمام أنفسنا . شخصية كبيرة تغريه امرأة تعمل معه ، تنهار نفسه أمام فتنتها . إذاً أنت مملوك ، كل أهل الدنيا عندهم نقطتا ضعف مدمرتان : المال والنساء ، أي يملك أشياء كثيرة وله اطلاع واسع ، له قدرات عجيبة ، ومع ذلك المرأة والدرهم والدينار تمتلكه ، إذاً هو مملوك. لذلك فالنبي عليه الصلاة والسلام قال :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ ...*
(سنن ابن ماجة )
ـ مملوك هو في خدمة المال ولم يجعل المال في خدمته ، المال أصلاً مُسخر لك لكنك سُخِّرت له فأنت عبد له ،- تعس عبد الفرج تعس عبد البطن تعس عبد الخميصة . إذاً أنت مملوك ، إذا قرأتم هذه الآية ترنموا بها : ربِّ قد آتيتني من الملك ، الملك الحقيقي أن تملك نفسك لا أن تملكك ، أن ينقاد لك هواك لا أن تنقاد له ، أن تسيطر على شهواتك ، أن تكون مع الحق حيث كان الحق ، أن تكون وقَّافاً عند كتاب الله ، أن تعترف بالحق الذي لغيرك عليك وإن كان مراً ، هذه هي البطولة الحقيقية ، هذا ما اتجه إليه معظم المفسرين في قوله تعالى :
بعضهم قال : المَلِكُ: الذي ملك قلوب العابدين فأقلقها ، الحقيقة أن الإنسان منذ أن عرف الله عز وجل ، أو منذ أن بدأ في معرفة الله ، دخل في دوَّامة الحب ، أصبح مشغولاً ، أصبح عظيماً بعد أن كان تافهاً ، يعني أن المؤمن قلق لا ينزاح عنه قلقه حتى يلقى الله عز وجل ، هل اللهُ راض عني ؟ هل عملي وفق ما يرضي الله ؟ هل الله يحبني ؟ هل في عملي إخلاص ؟ هل في عملي زيغ ؟ هل هناك ما أرجوه غير الله عز وجل ؟
ومَلَكَ قلوبَ العارفين فأحرقها ، المَلِكُ مَنْ إذا شاءَ مَلَّك ومن إذا شاء أهلك :
(سورة البروج)
إذا أعطى أدهش ، وإذا حاسب فتّش ، أعطانا قبل سنوات أمطاراً غزيرة دهشنا بها سبعين ضعفاً عن إنتاج السنوات السابقة من القمح وإذا انحبست أمطار السماء ، فَمَنْ في الأرض كلها يستطيع أن يصدر قراراً بإنزال المطر ! ولو اجتمعت الأمم كلها ، المجالس كلها ، والقيادات كلها، وإذا انحبست الأمطار مات الزرع وتبعه الضرع وتبعه الإنسان .
فنحن عبيد لأننا مفتقرون لماء السماء :
(سورة الملك)
اللهُ سبحانه وتعالى . المَلِكُ من إذا شاء ملّك وإن شاء أهلك ، الملك الحق من لا ينازعه معارض ، لا خصومات لا معارضون لا مُشَوشون منتقدون ، ولا يمانعه ناقد فهو في تقديره منفرد ، وبتدبيرهُ متوحِّد ، ليس لأمره مرد ولا لحكمه رد، والمَلِكُ من دار بحكمه الفلك .
ذكر الله تعالى في آية واحدة خمسة بنود للملكية ، قال تعالى :
(سورة آل عمران)
العلماء فسروا المُلْك أنه ملك الآخرة كما فسَّروه ملك الدنيا ، فإذا كنت مؤمناً، مستقيماً ، صادقاً مخلصاً ، لك عمل طيب فأنت ملك ، ولكن مِن ملوك الدار الآخرة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ؟ والإمام علي يقول: "الغنى والفقر بعد العرض على الله" ، وقال "تؤتي الملك من تشاء " ولكن من تشاء ؟ إذا قال الله عز وجل : "والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم "! ما معنى يهدي من يشاء ؟ يعني من شاء الهداية هداه الله، " ويضل من يشاء ": من شاء الضلالة أضله الله ، فالهداية والضلالة أصلهما هداية جزائية أو ضلال جزائي مبني على هداية أو ضلال اختياري، قال تعالى :
(سورة الصف)
تؤتي الملك من تشاء : تؤتي الهداية من شاءها ، وتنزع الملك ممن تشاء: رفض الدين ، رفض رحمة رب العالمين ، رفض وعده العظيم ، أراد الدنيا، أراد شهواتها ، ينصرف الإنسان إلى الملاهي ، إلى شهواته، إلى دور اللهو ، إلى معاصيه ، إلى انحرافاته .
بالمناسبة مُلْك الدنيا : يؤتيه الله لمن يحب ولمن لا يحب ، وأما مُلك الآخرة فلا يأتيه إلا لمن يحب.
المعنى الثاني : ملك الدنيا ، الله سبحانه وتعالى يقول :
(سورة الأنعام : من الآية 165)
مَن مَلَّكَكَ هذا البيت ؟ الله سبحانه وتعالى ، لمن كان هذا البيت ؟ لفلان ، كيف باعه ؟ ضاقت به الأمور فباعه ، من الذي جعلك خليفة له في هذا البيت ؟ الله سبحانه وتعالى ، هذا العمل من ولاّك إِياه ؟ الله سبحانه وتعالى، لماذا عُزِل فلان ؟ بحكمة الله وتقديره ، إذاً المعنى الآخر : تؤتي الملك مَنْ تشاء ، المعنى الدنيوي ، الله سبحانه وتعالى يقول : " وهو الذي جعلكم خلائف الأرض " ما الحكمة ؟ لماذا أعطى فلاناً ومنع فلاناً ؟ ومَلَّكَ فلاناً ونزع من فلان ؟ لماذا رفع فلاناً وخفض فلاناً ؟ الجواب : " ليبلوكم أَيُّكم أحسنُ عملاً " يمتحنك بالغنى وبالفقر ، بالصحة وبالمرض ، بالقوة وبالضعف ، قال فإذا كان هذا العبد متمرداً فما الجواب ، قال : " إن ربك سريع العقاب " قال فإذا كان طائعاً فما الجواب ؟
(سورة طه : الآية 82).
إذاً : جعلكم خلائف الأرض ، ووزع الحظوظ توزيع ابتلاء وسوف تُوَزَّعُ في الآخرة توزيع جزاء إذاً هو مالك الملك : إِما أن يُمَلِّكك ملك الآخرة أو ملك الدنيا أو ملك الآخرة والدنيا :
ما أجمل الدين والدنيا إذا اجتمعا وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل
" وتعز من تشاء وتذل من تشاء " دخلنا في باب العز والذل ، هنالك شيء دقيق جداً : إذا أعزك الله سخر لك أعداءك ، وإذا أراد الله أن يذل عبداً ما ، أذله أقرب الناس إليه ، " ومَنْ يُهِنِ اللهُ فما له مِنْ مُكرم " :
اجعل لربك كل عزك يستقرَّ ويثبُت
فإذا اعتززت بمن يموت فإن عزك ميّت
إذاً من لوازم أن الله مَلِك أنه هو الذي يعز وهو الذي يذل ، فكن مع العزيز ،
أطع أمرنا نرفع لأجلك حجبنا فإنا منحنا بالرضا من أحبنا
ولذ بحمانا واحتمي بجنابنـا لنحميك مما فيه أشرار خلقنا
بيدك الخير ، إذاً فالذلُّ خير ، ونزع المُلكِ خير ، ولكن يسمى شراً من وجهة نظر الإنسان.
تولج الليل في النهار ، تصريف الكون ، تسيير الكون ، الأرض تدور حول الشمس بمدار اهليلجي بيضوي ، مَن يجعلها على مسارها تماماً؟ هل في الكون كله قوة تستطيع أن تجعلها على مسارها لو خرجت ؟ إنها إن خرجت انتهت وجذبتها كواكب أخرى !!
(سورة فاطر )
يمسكها على مسارها ، إذا خرج القطار عن سِكَّته ، طفل رضيع أو نملة صغيرة أو ذبابة حقيرة هل بإمكانها أن تعيده إلى السكة ؟ ولئن زالتا إن أمسكهما من أَحد مِن بعده ، مَن جعل الأرض تسير في الثانية 30 كم ؟ مَن جعلها تدور في الساعة 1600 كم ؟ مَن جعلها بهذا الحجم ومن جعل بعدها عن الشمس بهذه المسافة ؟ هذا من اسم الله : الملك .
(سورة آل عمران: الآية 27)
ظاهرة النبات ، ظاهرة توالد الإنسان ، تكاثر الحيوان ، تكاثر النبات، تخرج الحي من الميت : بذرة الزيتون تبدو لك قطعة من الخشب كامن فيها شجرة بقوة هذه البذور ، هذه أنماط الحياة ، دورة الحياة ، الشجرة يابسة في الشتاء كأنها خشب يأتيها الربيع فإذا هي خضراء .
مرة طلب سيدنا عمر من سيدنا عمرو بن العاص أن يصف له مصر وكان بليغاً ، قال: يا أمير المؤمنين مصر طولها شهر ، وعرضها عشر ، يعني طولها مسيرة شهر وعرضها مسيرة عشرة أيام ، يخط وسطها نهر ميمون الغَدَوات مبارك الرَّوْحات ، يا أمير المؤمنين بينما هي عنبرة سوداء - ترابها أسود اللون لخصوبته - إذا هي درَّة بيضاء - طواف النيل - إذا هي زبرجدة خضراء ، فتبارك الله الفعال لما يشاء، وصف مصر في الشتاء وفي فيضان النيل وفي الربيع والصيف، وصف طولها ووصف عرضها .
إذاً مِن معاني الملك أنه يقلب النهار، ويخرج الحيَّ من الميت ويخرج الميت من الحي ، ومن معاني أنه يخرج الميت من الحي والحي من الميت : أن الكافر قد يلد مؤمناً وأن المؤمن قد يلد كافراً :
(سورة هود : الآيتان : 45- 46 )
آخر بند في المُلْكية : " وترزق من تشاء بغير حساب " ، قد يرزق الإنسان الضعيف ، وقد يفقر القوي الذكي ، لذلك التجار يقولون ليس عند الله تاجر ذكي ، ومن دعاء المؤمنين على الكافرين " اللهم اجعل تدميرهم في تدبيرهم " فالكافرُ يدبر فإذا هو يدمر نفسه . ولا ينفع ذا الجد منك الجد .
هناك سؤال : هل يملك العبد بالتمليك ، لو أنّ إنساناً ملَّكَك شيئاً هل تملكه، كيف نناقش هذه الفكرة ؟ مالك هذه الدار ، هذه المركبة ، تملَّكَ بالمكنيك كاملَ أربعٍ وعشرين قيراطاً ، هذا كلام نقوله نحن ، وليس هناك غلط كبير في هذا الكلام ، العلماء قالوا بالحرف الواحد : الأصح أن الإنسان لا يملك ! لماذا ؟ لأن استقلاله بالتصرف في الغير فرع من كونه مستقلاً في نفسه ، فإذا كان العبد لا استقلال له في نفسه وذاته البتة ، فكيف يكون مستقلاً في تصرفه بالغير . ولهذا قال ربنا عز وجل مُعلماً رسولاً ومن بعده عباده :
(سورة الأعراف)
إذا كان النبي لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً ، أفيملك النفع والضر للآخرين ؟ الجواب لا . مِن باب أولى ، إذا كنتُ عاجزاً عن هداية ابني ! فهل بإمكاني أن أهدي ابنك ؟ مستحيل! فلذلك فالكلام القطعي والثابت أن الله سبحانه وتعالى هو المَلِك الحقيقي وأن الإنسان إذا ملك فملكيَّةُ مجازية فمثلاً قد يقول لك مستخدم في وزارة الخارجية : والله عينا فلاناً سفيراً ! هذا كلام مجازي ، إنَّ الذي عين فعلاً ، ليس المستخدم بل الوزير. أَّما في الحقيقة المطلقة: الذي مُلَّكَ هذا الإنسان هذا المنصب ، هو الله سبحانه وتعالى .
العبد مثلاً متى يكون مسافراً ؟ إذا سافر سيده ، متى يكون مقيماً ؟ إذا أقام سيده ، هل للعبد استقلال في حركته عن سيده ؟ لا ، إذاً كلام قطعي: يجب أن تشعر وأنت تملك أوراق الملكية للبيت أن هذا البيت ملك الله عز وجل . في أية لحظة يمكن أن تبيعه ، قد يتعطل جهاز بالجسم ، فيقال لك : هذه العملية تكلفتها 800 ألف ليرة ومصاريف سفر وإقامة ، وبالعملة الصعبة ، والنتيجة بيتك ثمن للعملية ، فتعرضه للبيع ، فسبحان مالك الملك ومثل آخر : كُلْيِة تكلفة زراعتها 1000000 ليرة ، وكل شيء تملكه ثمن لهذه العملية، صمام القلب كلفته 500 ألف ليرة ، فالإنسان إذا عافاه الله فهو غني وغني بالمعنى الحقيقي .
هناك موضوع دقيق بعض الشيء ، وقبل الوصول إليه ، يقول تعالى :
(سورة النحل)
إذا كان العبد مملوكاً لا يقدر على شيء ، فهل يكون مالكاً ؟ أَيْ متصرفاً في ملك الآخرين ، هذا مستحيل ! لكن ما بال الآية الكريمة تقول :
(سورة الروم )
فتبصَّر يا أخي المؤمن ، الأمر دائماً بيد الله فكيف نفسر قوله تعالى
(سورة الانفطار)
الآن ، الأمر لله وفي آية أخرى : لله الأمر من قبل ومن بعد وفي آية أخرى :
شلة كوول :: أخبار :: أخبار إسلامية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت ديسمبر 25, 2010 6:01 am من طرف ابوجراااااح
» صورة لكتاب العلوم للأول متوسط
السبت ديسمبر 04, 2010 9:26 am من طرف ابوجراااااح
» مشاكل الهضم
الثلاثاء يوليو 27, 2010 12:13 pm من طرف ابوجراااااح
» الروبوت الذي يرسم الأشخاص
الثلاثاء يوليو 27, 2010 12:11 pm من طرف ابوجراااااح
» اعرف سيارتك المستقبلية
الخميس أبريل 15, 2010 11:58 pm من طرف ابوجراااااح
» المسيح الدجال
الجمعة أبريل 02, 2010 5:07 am من طرف ممكن جدا
» الوجبات السريعة
الخميس أبريل 01, 2010 1:30 pm من طرف THE.HUNTER
» كيف تموت الملائكة
الخميس أبريل 01, 2010 4:37 am من طرف ابوجراااااح
» حديث شريف
الخميس أبريل 01, 2010 4:02 am من طرف ابوجراااااح