امي الحبيبة

الله يعطيك الف الف الف عافية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين ورحمة الله للعالمين
أما بعد ,,,
منذ نعومة أظفارنا ونحن نتغنى وننشد في حبها وفضلها وإيثارها وكرمها وبذلها وعطائها ومعدنها الأصيل
وأخلاقها النبيلة وحنانها الفياض وحبها اللامحدود ، تلهج ألسنتنا بالدعاء لها والتضرع إلى ربنا سبحانه أن يحفظها
لنا درة ثمينة ويبقيها لنا ذخرا , وأن يرزقها أعلى الدرجات في الحياة وبعد الممات , إنها مهجة قلبي
وريحانة فؤادي وعبير أيامي ونور عيني والصدر الحنون الذي ما أحس بطعم للحنان الحقيقي الخالص
إلا عندما ترفرف علي بجناحيها , إنها الإحساس المرهف الذي يعرف ما بداخلي قبل أن أتكلم .. إنها أمي .. أمي .. أمي .. أمي
أسأل الله أن يحفظها ويبارك فيها ويمتعها بالصحة والعافية وأن يرزقنا برها ويعيننا على ذلك,
وأن يرزقها الفردوس الأعلى , وأن يجعل حياتها خالصة له سبحانه .



أمي نداء محبة*** بل إن كل الحب أم
أمي عطاء زاخر*** في فيضه بحر خضم
ضحت لأجلي بالهنا*** وتحملت عنى الألم
جادت بزهرة عمره***من غير ضيق أو سأم
لم تنتظر منى الجزاء *** وهذه أسمى الشيم
أماه يرعاك الذي***خلق البرية من عدم

أحب الناس لي أمي ***ومن بالروح تفديني
فكم من ليلة قامت***على مهدي تغطيني
بصوت هادئ عذب***وإنشاد تغنيني
تخاف علي من برد*** ومن حر فتحميني
ومن الم ومن مرض***أناديها فتأتيني
بروحي سوف أفديها***كما بالروح تفديني
وأسعى في هناءتها***كما تسعى وترضيني



لسنا بحاجة إلى ما يسمونه بعيد الأم لنعرف أمهاتنا , ولسنا بحاجة لتقديم هدية في ذلك اليوم لنثبت حبنا لها
, بل نحن نحتاج إلى أن نراجع أنفسنا في برنا للوالدين طيلة أيامنا , نحتاج إلى تفقد القلب ومدى مكانة الأم فيه ,
نحتاج إلى مراجعة النفس هل الزوجة مقدمة على الأم ؟ أم يا ترى هناك أناس آخرين استحوذوا على حبنا
وأنسونا أمهاتنا وآبائنا؟
ما يسمونه بعيد الأم لا دليل عليه لا من الكتاب ولا من السنة ولا من فعل السلف الصالح ,
والغريب أن البعض يحاول تحوير الكلمة ويجعل بدلا من كلمة العيد كلمة اليوم ,
فيقول (يوم الأم) , ولست أدري ما الفرق بينهما؟
فالعبرة بالمعنى فكلمة يوم متوفر فيها معنى العيد ومتوفر
فيها أيضا التكرار كل عام , فما الفائدة من التغيير ؟
اللهم إلا خداع العامة والبسطاء من الناس والعياذ بالله .
ومع ما يقيمونها من عيد أو يوم لها , ما يمر عليك يوم إلا وتسمع ما يندى له الجبين
من الأحداث المؤسفة التي تتفطر لها الأكباد , من العقوق والتعديات على الآباء والأمهات ,
وما ذلك كله إلا بسبب البعد عن النبع والصافي الأصيل شريعة الإسلام المطهرة .
فحري بنا أن نكون دعاة إلى الخير , دعاة إلى البر بالوالدين , دعاة إلى الاهتمام بهما ورعايتهما
ومعرفة فضلهما والقيام على شئونهما , طاعة لربنا سبحانه وتعالى , واقتداء بنبينا صلى الله عليه وسلم ,
وسيرا على نهج سلفنا الصالح رضي الله عنهم أجمعين .
لذا جمعت ما تيسر لي من الأدلة على ذلك من الكتاب والسنة وهدي سلف الأمة
عسى أن ينفعني الله وإياكم بها إنه ولي ذلك والقادر عليه .



قال تعالى: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [البقرة : 83]
وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [النساء : 36]
قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الأنعام : 151]
وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا
فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ
وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) [الإسراء : 23 ، 24]
وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) [لقمان : 14]
وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا [الأحقاف : 15]




وعن أبي هريرة أنه جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، من أحق الناس بحسن صحابتي ؟
قال : ( أمك) . قال : ثم من ؟ قال : ( ثم أمك ) . قال : ثم من ؟ قال : ( ثم أمك ) . قال : ثم من ؟
قال : ( ثم أبوك ) . (رواه البخاري)

وعن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما ، قالت: قَدِمَتْ عليّ أمي وهي مشركة في عهد رسول الله
صلى الله عليوسلم، فاستفتيت رسول الله قلت: قَدِمَتْ عليّ أمي وهي راغبة أفأصل أمي؟
قال: ((نعم، صلي أمك)) (متفق عليه)

وعن عائشة رضي الله عنها قالت : جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها، فأطعمتها ثلاث تمرات، فأعطت كل واحدة منهما تمرة
، ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها، فاستطعمتها ابنتاها، فشقَّت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما،
فأعجبني شأنها، فذكرت الذي صنعت لرسول الله فقال: { إن الله قد أوجب لها الجنة – أو أعتقها من النار } (رواه مسلم).

وعن المغيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ومنعا وهات ووأد البنات
وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال).
(رواه البخاري)

وفي البخاري عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ
وَوَأْدَ الْبَنَاتِ وَمَنَعَ وَهَاتِ وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ.



وروي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت : رجلان من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم
كانا من أبر من كان في هذه الأمة بأمهما، فيقال لها: من هما؟ فتقول: عثمان بن عفان، وحارثة ابن النعمان ؛
فأما عثمان فإنه قال: ما قدرت أن أتأمل أمي منذ أن أسلمت. وأما حارثة فإنه كان يطعم أمه بيده.
(مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا)

وروي أن أبا مرة مولى أم هانئ بنت أبي طالب أخبره أنه ركب مع أبي هريرة إلى أرضه بالعقيق
فإذا دخل أرضه صاح بأعلى صوته عليك السلام ورحمة الله وبركاته يا أمتاه تقول وعليك السلام ورحمة الله وبركاته
يقول رحمك الله كما ربيتني صغيرا فتقول يا بني وأنت فجزاك الله خيرا ورضي عنك كما بررتني كبيرا
(الأدب المفرد , وحسنه الألباني).

وروى البخاري في الأدب المفرد: "أن أبا بردة بن أبي موسى الأشعري حدّث: أنه شهد ابن عمر رجلاً يمانياً
يطوف بالبيت، حمل أمه وراء ظهره يقول:
إني لها بعيرها المذلَّل *** إن أُذعرت ركابها لم أُذعر
الله ربي ذو الجلال الأكبر، حملتها أكثر مما حملتني، فهل ترى جازيتها يا ابن عمر؟
قال ابن عمر: لا، ولا بزفرة واحدة!".

كما روي أنه جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال يا أمير المؤمنين أمي عجوز كبيرة
أنا مطيتها أجعلها على ظهري وأنحي عليها بيدي وألى منها مثل ما كانت تلي مني أوأديت شكرها
قال لا قال لم يا أمير المؤمنين قال إنك تفعل ذلك بها وأنت تدعو الله عز و جل أن يميتها
وكانت تفعل ذلك بك وهي تدعو الله عز و جل أن يطيل عمرك
(مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا)



وفي صحيح مسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:يَأْتِى عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِر
ٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلاَّ مَوْضِعَ دِرْهَمٍ
لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ.

وروى عن محمد بن سيرين – رحمه الله – أنه قال: كانت النخلة تبلغ بالمدينة ألفا
فعمد أسامة بن زيد إلى نخلة فقطعها من أجل جمارها فقيل له في ذلك فقال إن أمي اشتهته علي
وليس شيء من الدنيا تطلبه أمي أقدر عليه إلا فعلته
(مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا)

وروي ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ : قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ بَاتَ عُمَرُ يُصَلِّي ، وَبِتُّ أَغْمِزُ رِجْلَ أُمِّي ،
وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لَيْلَتِيَ بَلِيتُهُ قَالَ : وَكَانَ عُمَرُ أَخَا مُحَمَّدٍ ، وَكَانَتْ لَهُ عُبَادَةٌ.
( مسند ابن الجعد والزهد للإمام أحمد حلية الأولياء وطبقات الأصفياء لأبي نعيم وغيرهم )

وروي عن سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ، قَالَ :
" كَانَ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ يَمْشُطُ رَأْسَ أُمِّهِ وَيُرْوِيهَا. (البر والصلة للمروزي)

وفي الختام أسأل الله سبحانه أن ينفعنا بما تعلمنا وأن يعلمنا ماينفعنا وأن يزيدنا علما وفهما
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته